رحلة الثلاسيميا..
وعن بدايات المرض تقول حمدان في حديث لموقع “بالغراف” :”كنت صغيرة بالسن وأحبو، وقعت على الدرج من أوله حتى آخره، بكيت ليوم كامل، وبعدها أخذتني أمي على المستشفى وعرفت وقتها إني مريضة ثلاسيميا”.
كانت هذه البداية لرحلة حمدان الطويلة مع المرض، مرت خلالها بمحطات كثيرة وتحديات كبيرة، علمتها وجعلتها أكثر قوة، كانت حمدان تقطن في السعودية ولم تكن مثل ما هي عليه اليوم، وعن انتقالها للعيش والاستقرار هنا مع المرض تقول:” في المجتمع كمريض الثلاسيميا لديك تحديات كبيرة، في البداية كنت أعيش خارج فلسطين وجئت عام ٢٠١٥ مريضة وصحتي سيئة جداً، لوحدي بهذه البلاد، وبدأت أحارب بمجتمع وبمرض وبكل شيء يخص حياتي لأثبت نفسي للمجتمع لأنني قادرة أن أكون أنا، وكانت صحتي سيئة كنت أعيش في السعودية بالخارج، ما كنت آخذ أي علاج كنت أحط دم وأروح، وما كنت آخذ علاج طارد للحديد وكان واصل عندي لرقم رهيب جداً ٢٠ الف وكان لازم يكون أقل بكثير، اهتميت بصحتي بداية وتعرفت على الأطباء وبدأت أعرفهم على نفسي وأحاول الوصول لأي طبيب يساعدني ويسندني، وتعرفت هنا على الجمعية والشبان والفتيات وقتها ساعدوني أن أعمل فحوصات، كانت أول مرة أتعرف على الجمعية وأول مرة بنت غريبة قادمة على البلد مع ذلك ساعدوني أن اعمل فحوصات شاملة لكل شيء لأستمر بعلاجي”.
محطةانتقال..
بدأت حمدان حياتها بولادة جديدة حينما قدمت لفلسطين، عام ٢٠١٥، واعتبرت أنها نقطة تحول في حياتها وبالذات لحظة انخراطها في جمعية أصدقاء مرضى الثلاسيميا خاصة أنها أتاحت لها الفرصة لتصبح فيها موظفة فيما بعد وليس كمريضة فقط، وعن المحطات المهمة التي مرت بها في الجمعية، تقول حمدان:” إن كل المحطات كانت مهمة بالنسبة لها وكل سنة بتفرق عن السنة الثانية، بس عموماً ٢٠١٥ كانت محطة مختلفة جداً في حياتي، وفي ٢٠١٩ أيضاً كانت محطة مهمة حينما بدأت العمل في الجمعية كانت نقلة ممتازة جداً، لإني بدأت كموظفة بالجمعية بشكل رسمي، لإني كنت طالبة في الجامعة أدرس وكنت أعيش لوحدي وما في أي شيء أعمله، كانت عندي فكرة إني لازم أكون سند للمرضى وأعمل شيء مختلف لفكرة الثلاسيميا وهذه الرسالة التي نحارب لأجلها”.
وأضافت: “حينما بدأت أعمل في الجمعية بدأت بشكل جدي، وليس فقط أحضر تدريبات وأعمل شيء بسيط، بدأت أعمل بشكل فعلي لأساعد المرضى إن كانوا أطفال أو شباب، بدأت على البيانات وحاولت أن أصل لكل المرضى، فلدينا عدد من المرضى فحاولنا أن نصل لهم لكي نعلم كل من يحتاج مساعدة أن نقف بجانبه ونساعده، ونعرف كل تفاصيله، سواء قوة دمه أو نسبة الحديد في جسمه، أو كم مرة يدخل المستشفى، فكل هذه التفاصيل علينا أن نكون على معرفة بها، بداية الجمعية كانت فكرتها الوصول لهؤلاء المرضى”.
وتعتبر الاء أن حياتها اختلفت تماماً منذ ٢٠١٥ حتى اليوم، وتبين حمدان أنها أصبحت من بنت حديدها كان عشرين الف لبنت حديدها ٢٥٠٠، لم يعد المجتمع ينظر لها بأنها الفتاة المريضة المسكينة أو ينظر بنظرة حزن بالعكس أصبحت بعيونهم الفتاة القوية التي جاءت وأثبتت نفسها، مما جعلها سعيدة وفخورة، وتروي عن بدايتها :” جئت هنا ما كنت أدرس والآن أنا متخرجة، ومسؤولة ملف أكبر قاعدة بيانات في الجمعية، بعمل مع المرضى منسقة مجلس شبابي وبساعد الأطفال كلهم، فحياتي اختلقت تماماً من فتاة مريضة ووضعها الاجتماعي سيء وما الها أي علاقات، لفتاة متعلمة وموظفة في الجمعية ووضعها الصحي أفضل من قبل، وبطلت أخد دم بشكل رهيب زي زمان وبتعامل مع كل المرضى وبحاول أساعد أي حدا من المرضى”.
الجمعية الصديقة..
جمعية مرضى الثلاسيميا مهمة وغيرت في حياة الكثيرين من المرضى للأفضل ومنهم حمدان، وتؤكد أنهم دائماً في المجلس يتفهمون أهمية الجمعية لإنه من خلالها يستطيعون الوصول للأطفال، ويستطيعون توصية الشباب لطريق أفضل، وتعريفهم على الأطباء الخاصين بالمجال، وتنظيم حملات توعية عن المرض، والجمعية جعلتهم يعرفون كل شي ويصبحون أكثر وعياً بالمرض، فكانت تحضنهم كعائلة.
وأصبحت حمدان كمصدر فخر وقدوة للأهل والأطفال المرضى، تقول:” كثير بشوف في عيون الأهالي والأطفال لما نكون بنشاط نظرة القدوة، إنهم يتمنون أن يصبح أطفالهم مثلي، حتى لما أكون بالوحدة، أمهات الأطفال ينادوني ليعرفوني على أطفالهم “هي الاء” ويشرحون عني فبحس إنه بعطيهم أمل، لما يشوفونا احنا الشباب يأخذوا أمل منا رهيب لينقلوا للأطفال، وبشوف نظرة الفخر بعيون الأهل والأطفال”.
الثلاسيميا في فلسطين
وحول الوضع الصحي للمرضى تبين حمدان أنه يختلف من مكان لآخر ليس على مستوى المحافظات بل على مستوى غزة والضفة، فوضع المرضى اليوم ممتاز ليس مثل الماضي بسبب توفر العلاجات وتوفر الدم ووحدات الدم وعلاجات الطاردة للحديد فهي لم تكن موجودة كالسابق، فأصبحت متوافرة وفي متناول اليد مما يسهل العلاج.
فلسطين في الماضي في الثمانينات كان في السنة تصل ٨٠ مريض ثلاسيميا، ولكن خلال ٢٥ عاماً استطاعت جمعية أصدقاء مرضى الثلاسيميا وشركائها بإقرار إلزامية الفحص الطبي قبل الزواج، لتفادي حدوث هذا المرض، فساهم في تخفيض أعداد ولادات مرضى الثلاسيميا، ففي عام ٢٠١٣، كان هناك صغر ولادات ثلاسيميا جديدة.
ولكن بعد كورونا بدأت تعود الأعداد لولادة وولادتين وأكثر، بسبب عدم التوجه للفحوصات وبسبب اغلاق المراكز، حتى أن البعض كان يزور الفحوصات من أجل عقد القران، ولكن تحاول الجمعية المحافظة على عدم ازدياد أعداد المرضى واقرار الفحص الطبي وضرورته.
المرضى وأحلامهم..
وتؤكد حمدان أن المرضى كبروا وصارت أحلامهم تكبر، لم يفكروا بالتعليم فقط، أصبحوا يفكرون بالزواج وانجاب الأطفال، وصار منهم من يذهب ويدق أبواب الناس ويتم رفضهم لأنهم مرضى الثلاسيميا.
وتكمل:”يستطيع أن يتزوج مريض الثلاسيميا وينجب الأطفال ولكن شرط أن يتزوج سليمة وخالية من المرض، فهناك رفض من المجتمع لمرضى الثلاسيميا، وهناك نظرة سيئة ورفض لمرضى الثلاسيميا ظناً منهم أنه يتوفى بعمر صغير ولا يعيش، وهذا ينطبق على الشباب والفتيات، هناك خوف من انجاب أطفال مريضين، أو أن يموتوا ولذلك المجتمع يرفض فكرة مريض ومريضة الثلاسيميا، وهناك عدد ممتاز تزوجوا، ولم تتغير نظرة المجتمع، وأتمنى أن تتغير هذه النظرة للمرضى”.
رسالة..
وتوجه حمدان رسالتها للمرضى والمجتمع وتقول:” رسالتي لمرضى الثلاسيميا انتبهوا لصحتكم وما تيأسوا في أشياء حلوة كثير بالحياة وفي أشياء بتميزكم، ما تستسلموا، ورسالتي للمجتمع أعملوا الفحص الطبي قبل الزواج لأنه مش الطفل اللي بذوق المعاناة الأهل اللي بذوقوا معاناة المرض".