يصادف اليوم الثامن من أيار من كل عام اليوم العالمي للتضامن مع مرضى الثلاسيميا، لقد ذهب المجتمع الفلسطيني على الاحتفال بهذه المناسبة في كل عام في إشارة منه في تقديم الدعم المجتمعي لهذه الشريحة من مرضانا، هذه الشريحة التي فتحت أعينها على سرير الشفاء والتي أثبتت شجاعة وقوة وصلابة في مواجهة المرض والتعايش معه، لم يعد مرض الثلاسيميا ذلك المرض القاتل بل أصبح التعايش معه أمراً واقعاً يمارسه مرضانا في كل لحظة، إن غالبية مرضانا اليوم في المجتمع الفلسطيني من فئة الشباب وكبار السن ولا نقول الأطفال، ولكن بفضل الله ومن خلال التزام المجتمع الفلسطيني بإجراء الفحص الطبي قبل الزواج ،هذا الالتزام الذي بدأ منذ 23 عاماَ ومستمر بشكل مرضٍ ولكن أملنا أن يكون الالتزام كاملاً، لأن منع الولادات الجديدة في المجتمع هي مسؤوليتنا مسؤولية هذا الجيل بأن لا يولد بينه أطفال مرضى من خلال الالتزام بالفحص الطبي قبل الزواج، لقد لمسنا خلال الأعوام القليلة الماضية وخاصة عند حدوث اضطربات أمنية أو خلخلة في عمل في وزارة الصحة أو المحاكم الشرعية، عزوف البعض عن الالتزام بهذه التعليمات مما أدى إلى ولادة بضعة حالات معدودة في صفوف المجتمع الفلسطيني، وهذا أمر مؤلم جداً ونتمنى أن لا يتكرر.
مرةً ثانية نقول أن المريض لم يعد ذلك الطفل الذي تقتصر حاجاته على وحدة الدم والعلاج، وإنما أصبح شاباً يافعاً وفتاةً تتطلع إلى اكمال دراستها وإيجاد فرصة العمل التي تمكنها من شق طريقها في الحياة، كما يتطلع هؤلاء الشباب إلى بناء أسرهم وإلى انجاب الأبناء الأصحاء من خلال الدعم الذي يتلقوه من المجتمع الفلسطيني واستيعابهم والتعامل معهم على أنهم أشخاص أصحاء معافيين يتعايشون مع حالة مرضية ليس لهم يد في الوجود فيها، بمعنى أنهم ليس لهم سبب أو مبرر كي نعاملهم لا سمح الله بنظرة دونية أو نظرة فيها نوع من التمييز. بل يجب أن نمد لهم يد الدعم والمساعدة من أجل أن يأخذوا موقعهم في المجتمع الفلسطيني عناصر منتجة وفاعلة في هذا المجتمع فليس أقل من أن نتعامل معهم بهذا المنطلق وخاصة أنهم قد أبدوا مهارةً وشجاعةً وصلابة في التعامل مع هذه الحالة المرضية التي يتعايشون معها..
إن مريض الثلاسيميا يتطلع إلى دعم المجتمع الفلسطيني في رحلة التشافي والتعايش مع هذا المرض، ونأمل بالفعل أن نحتفل قريباً باختفاء هذه الظاهرة من المجتمع الفلسطيني بشكل كامل. إن الالتزام بالفحص المخبري قبل الزواج الذي توفره مديريات الصحة الفلسطينية مجاناً لكافة مقبلين على الزواج لا يدع مبرراً لأحد أن يتقاعص عن القيام بواجبه، مسؤوليتنا جميعاً... مسؤولية هذا الجيل أن يمنع الأجيال القادمة من أن يولد بينها طفل مصاب بهذا المرض.
في الختام نقول لمرضانا أن المجتمع الفلسطيني يؤازركم في رحلة التشافي والتعايش مع هذا المرض ، وأن الجمعية سوف تبقى هي الصوت المعبر عن حالة وحاجة المريض في المجتمع الفلسطيني للوصول إلى أعلى درجات جودة الخدمات الصحية العلاجية والشمولية، عندما نقول الشمولية نقصد بها الدعم النفسي والمجتمعي، توفير فرص العمل، توفير فرص التعليم والتأهيل المهني، والاستيعاب المجتمعي. فنحن معكم في رحلة التعايش هذه، وكل عام ومرضانا والمجتمع الفلسطيني بكل خير .
